قبل ثلاثة أشهر كتبتُ مقالة، وسوف أعيد نشرها الآن، ليس لأنّني اؤكد موقفي مّما جاء فيها فحسب، بل لأنّ مطالبتي ما زالت قائمة، وظلّت دون ردّ..حين نشرتُ المقالة، كانت الأمور في بداياتها، من أزمة تتشكّل، وبدا لي حينها أنّ الدنيا ستتغيّر أكثر وأكثر في العلاقة بين الدولة والجماعة، وقد قدّمت نصيحتي، ولكنّ هناك أذناً من طين وأخرى من عجين"!ليس هناك من شخصية أهمّ من المؤسس، ولا أحد يمكنه أن يزاود عليه في الحركة، فما زال وسيظلّ الأب الحقيقي للجماعة، وللأسف فقد راح ضحية لما ارتكبه غيره من خطايا، وسأظلّ أقول: الأردن أكبر من تنظيم مهما امتلك من ملايين حتى لو زادت عى الثلاثين، والأردنيون أفهم وأوعى من أن يكونوا ضحايا لنزق ومروق على الدين والدنيا والبلاد والعباد، كما صار ويصير عند غيرنا.
وهنا نصّ مقالتي:"ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين"، ذلك ما أعلنه مؤسس حركة الإخوان المسلمين، حسن البنا، واصفاً التنظيم السرّي في الحركة، بعد أن قام باغتيال النقراشي باشا، رئيس وزراء مصر.
كان ذلك جرأة غير مسبوقة من الإمام، ولكنّ ذلك القول المأثور لم يشفع له، فقد تمّ اغتياله في ظروف غامضة بعد ذلك بأقلّ من عشرين يوماً، ومنذها كان يبرز الحديث حول تنظيم الاخوان بين السرّ والعلن!"الإخوان المسلمون" تنظيم كبير، احتمل الكثير الكثير من التناقضات، فمنه خرج اعتدال ووسطيه، ومنه تخرّج المتحوّلون إلى التكفيرية، وليس سرّاً أنّ الانشقاق عنه اعتراضاً أكبر ممّا تحتويه مقالة.
محاولة الإنكار، والهروب إلى الأمام، لا تحمل أدنى جدوى هُنا، فالحلال بيّن والحرام بيّن، والحلال هو خدمة الوطن والتفاعل مع مسيرته الآمنة المطمئنة، والحرام عكس ذلك، حيث تخريب البلاد والعبث بأمن واطمئنان العباد.ظلّت فلسطين الشمّاعة التاريخية التي ثقل حملها من بضائع سياسية من أصحاب يمين إلى أصحاب شِمال، وعرفنا من التاريخ أنّ أعلى الأصوات هتافاً من أجل التحرير، هي التي تذهب إلى الركوع أمام العدو.لسنا قضاة، ولا يمكننا أن نتدخّل في عمل المحاكم، ولكنّه وحتى يثبت العكس فإنّ على الإخوان المسلمين في الاردن أن يعلنوا كما أعلن الإمام حسن البنا مع اغتيال النقراشي باشا، وبالجرأة نفسها: ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين، وأن يثبتوا مسيرتهم السلمية الراشدة، وذلك أضعف الأيمان، وللحديث بقية!